لا تنكر وجودهم، لا تسخر منهم، فهم قادرون على الإيذاء....
ببساطه "الحملة" ماهو إلا مصطلح عسكرى بمعنى "الورشة" كورش صيانة السيارات-خاصة بالجيش طبعا- يعمل بها الجنود السائقين، و لكن "الحملة" التى نتحدث عنها هنا مهجورة لا يعمل بها أحد، المنطقه التى تشغلها "الحملة" كانت كتيبة عسكرية قبل الحرب و تحولت إلى أنقاض أيام النكسة، هنا تجد ثكنات الجنود القديمة المتداعية، هنا كانت توجد حياة كاملة فى إحدى الأيام، إنقلبت جحيما بسبب الحرب، فكم من شهيدا أفنى روحه هنا ولفظ أنفاسه الأخيرة و دفن تحت الرمال بعد أن سالت دمائه عليها..
من الوهلة الأولى عندما تنظر الى "الحملة" تشعر بإنقباض ، إحساس داخلى بعدم الإرتياح وكأن ذكرياتها المؤلمة تحكى ماحدت بها، أنت أمام مساحة كبيرة من الصحراء منخفض إذا أردت الدقه مترامى الأطراف ترى حطام الكتيبة المنكوبة و كإنها الأطلال تبكى نفسها، إذا نظرت إلى نهايتها تحديدا فى إحدى أركانها تجد "المشنقة" هذه المنصة التى إستخدمت قديما لإعدام الناس عليها..واقفه هناك شامخة تراها واضحه مع إنها ليست بالضخمة ولكن تشعر بأن لها مكانتها حتى وهى فى أخر أطراف "الحملة" تسرق نظرك إليها وكأنها تناديك..ترى أيضا كم من روح-مذنبة كانت أم بريئة-أزهقت عليها؟
بالرغم من أن هذه "الحملة" مهجورة إلا أنها ملحقة بوحدة عسكرية تعتبر إمتداد لها، بها بعض الأشياء الهامة التى تتطلب وجود حراسة وخدمة دائمة فيها على مدار اليوم، بالطبع لا يوجد فى الصباح ما يقلقك و لكن فى الليل أهلا بك فأنت مدعو على كرنفال من الرعب والإثارة يا صديقى..
"لقد سمعت العديد من الأقاويل حولها،
لم تهتم بها وظننت أنها أكذوبة ،
لقد سخرت منهم وإدعيت البطولة و الشجاعة،
وأنت تقتل الخوف بداخلك و تخفيه،
أنت المسئول،
أنت الآن تعرف أنها ليست مكانا للهو أو الإستهزاء"
كنت فى طريقى إلى وحدتى العسكرية بعد أن أنهيت فترة التدريب ، علمت أن وحدتى فى الصحراء ولا يفصلنى عن سيناء إلا "القنال" كنت أنظر إلى الصحراء فى نهم و السيارة تقطع الطريق لكى نصل إلى الوحدة، لا أعرف سبب إعجابى بالصحارى، شكل الرمال و الجبال، أشعة الشمس التى تلفحها نهارا و تكسوها باللون الذهبى، والقمر ليلا بأشعته الخافته الرقراقه التى تجعل الرمال فضية، أنت فى قلب الصحراء لا شئ، تشعر بأنها تبتلعك، كلما تعمقت أكثر فأنت تجعلها تلتهمك تماما حتى تهضمك، شعور مرعب، إنظر إلى كل هذه المساحات المهجورة، أنت لا تعرف أبدا ما تخفيه ،حيوانات مفترسة!! كالذئاب بعواءها المخيف و عيونها الحمراء وأنفاسها الكريهه ومخالبها الحاده وأنيابها المتعطشه لدمائك،
عقارب أو ثعابين!! تهاجمك فى أى لحظه بسمها القاتل فقط تكتشف فجأه أنه تم لدغك بواسطته أحدهم فتلقى حتفك وأنت تتسأل متى حدث؟كيف لم أنتبه؟ و لكن فات أوان أن تأخذ حذرك أو تلومن نفسك على إهمالك وعدم حرصك،
وحوش ضارية!! لا تعرف كنهها ولا من أين جاءت، مختبئة فى الكهوف منذ العصور السحيقه، لا تمط للبشر بصلة ولا الحيوانات أو الجان هى وحوش مخيفة قبيحه شريره لا تموت كباقى المخلوقات تخرج لتفترسك قبل أن تراها حتى، فإذا كنت محظوظا من الممكن أن تسمع صوتها المرعب لتكتشف أنك أصبحت فى خبر كان، وتشاهد نفسك وهى تلتهمك بأنيابها بعيون حاده ثابته من نار، ستدرك وقتها ماحدث، ستعرف السر الأعظم ولكنك لن تستطيع أن تخبر أحدا عنه..
كنت غارقا فى هذه الأفكار السوداوية حتى أفقت على صوت أحدهم وهو يقول:
"الحملة مسكونة لا تنكرون ذلك"
كان معنا 3 جنود من الوحده التى أنا ذاهب إليها كتأمين لنا. كانوا يتحدثون فيما بينهم عن "الحملة" إستشفيت من حديثهم أنها مسكونه، كلامهم يدل على ذلك، هناك واحد يقسم بذلك والثانى غير مصدق والأخير لا يستطيع النفى أو التصديق فقط هى مخيفة ولا أحد يستطيع إنكار ذلك..
عجبا لحظى! لا أعرف أهو سئ أم ماذا؟
حتى بعد دخولى الجيش هذه الأشياء تطاردنى و كأنما نشأ بينى و بينها إعجاب، مما يجعلها تلاحقنى فى كل مكان..
عموما سأقضى سنه كامله فى هذا المكان و بالتأكيد سأورط نفسى لكى أعرف حقيقه ما يحدث كالعاده، ولكن هل سأصل إلى شئ ما؟ إحساس داخلى أشعر به الأن بأن هناك أشياء ليست بالهينه ستحدت!
و دائما ما يصدق إحساسى!!
لم أتحدت مع هؤلاء الجنود عن شئ، لن أتعجل الأمور، سأنغمس فى هذه الأشياء وحدى، أنا أعرف فضولى و ولعى الذى سيجعلنى ألقى حتفى فى مره من المرات..
لم تمر الكثير من الأيام حتى بدأت أكون صداقات مع بعض الجنود و كنت أسألهم عن حقيقه ما يحدث فى "الحمله" فسمعت العديد من القصص فتعالوا نعرف ماحدث مع أصدقائى الجدد..
القصه الأولى على لسان أحد الجنود الذين كانوا يعملون فى "الحمله"
كنا نعمل بـ "الحمله" طوال الوقت و كنا ننام بإحدى الغرف القديمة المتداعيه..
كنا نسمع أصوات غريبه من ضحكات و صخرات مكتومه و خطوات أقدام أيضا، لم نكن نعطى لها بال، كنا نتجاهل ما نسمعه أيضا من صوت الطرق البعيد وكأن أحدهم يطرق بابا ما، كنا دائما نتجاهل، و لا نخشى شيئا بسبب عددنا فقد كنا سته جنود، إلى أن جائت هذه الليلة التى لن أنساها أبدا، فبعد منتصف الليل وبعد أن ذهب معظمنا فى سبات، تعالت الضحكات و أصبحت الصرخات مسموعه مخيفه و إقتربت الخطوات و إزدادت الطرقات، أجفلت لما يحدث و ما أسمع وإستيقظ الجميع من النوم مذعورا-جميعنا نرتجف- هل نبقى فى مكاننا أم نفر إلى الوحده، بقائنا هنا لم يعد مأمون، هناك شيئا على غير العاده سيحدث، نحن نشعر بذلك، فتحت الباب و كنت أنا أولهم أنظر خارجا لكى أرى ما يحدث، تصلبت مكانى فقد كانت إحدى العربات مرفوعه عن الأرض بعض الشئ، نعم عينى لا تخدعنى أنا متأكد مما أراه هذه العربه ليست على الأرض، لم أستطع النطق فقط أشرت للباقين عليها ففتحوا أفواههم و نظرات الدهشه تملأ عيونهم، حتى سقطت العربه فسمعنا صوت إرتطامها بالأرض و كأن كل شئ بها قد تفكك و تحول إلى فتات، كان صوت الإرتطام مدوى فقد هزنا من الداخل، أعتقد أننا وثبنا فى الهواء من شده الصوت، حتى قال أحدنا : " ماالذى ننتظره هيا لنركض سريعا" فأطلفت ساقى للريح معهم حتى صعدنا إلى الوحده فى لمح البصر و قلوبنا تكاد تخرج من حلوقنا، أخبرنا المسئول عنا عما حدث فعاد معنا ليرى بنفسه صحه ما نقول، المفاجأه أنه لم يجد شيئا قد أصاب العربه بضرر بالإضافه إلى أن الضحكات و الصرخات إنقطعت وكل شئ هادئ، لا يقطع هذا الهدوء إلا تردد صدى عواء ذئب بعيد..
حمدنا الله على أن العربه لم يصيبها ضرر وإلا كنا سنذهب جميعا إلى الجحيم، فلن يصدق أحد أن الأشباح والعفاريت هم من فعلوا ذلك.. و لكن كيف وقد رأينا و سمعنا..أقسمنا كثيرا أننا لا نهذى و عزمنا على ألا نبيت فى "الحمله" مره أخرى..فى الواقع لم يكذبنا أحد، لقد كانت حالتنا يرثى لها و الخوف كان يمتلكنا بشده و لأنهم أيضا يعرفون يقينا أن "الحمله" ليست على ما يرام، لقد إشتكى منها الكثير قبلنا.. لذا تقرر من بعدها نقل ما بها إلى الوحده و إكتفوا بتعيين خدمه و حراسه من الجنود عليها..
لقد حكى ما حدث بصدق، لقد رأيت ذلك فى عينيه و زياده على ذلك، سألته عن الخمسة جنود الأخرين، فقال لى أن أربعه منهم قد أنهوا مدة خدمتهم العسكريه و أخبرنى أن "فلان" كان الخامس وهو موجود من الممكن أن اسأله فى أى وقت..لم أكذب خبرا، وذهبت إليه فحكى لى نفس ماحدث مضيفا القليل أن من بعد ذلك أصبحت "الحمله" مهجوره حتى تلفت مصابيحها واحدا تلو الأخر ولم يهتم أحد بإصلاحهم حتى سادها الظلام ليلا كما هى على حالها الآن!!
إذن هل تعتقد معى أن "الحمله" مسكونه؟!
___________________________________________________
ذكر ان تقيمك لموضوعي بتعليق سواء بالايجاب او السلب هو بمثابه تشجيع لي على الاستمرار وتقدير منك للمجهود الذي ابذله ومساعده منك على نشر الموضوع وتشجيع لباقي الاعضاء على قراءه الموضوع وشكرا
اقرأ ايضا :
قصص رعبرعب احمد يونساحمد يونسقصص احمد يونس رعبقصص حقيقيةقصة رعبافلام رعبتحميل قصص رعبصور رعبقصص رعب قصيرةقصص رعب على القهوةرعب ع القهوةقصص رعب كلام معلمينقصص رعب احمد يونس كلام معلميندستور قصص رعبقصص جنقصة رعب
اقرأ ايضا :
قصص رعبرعب احمد يونساحمد يونسقصص احمد يونس رعبقصص حقيقيةقصة رعبافلام رعبتحميل قصص رعبصور رعبقصص رعب قصيرةقصص رعب على القهوةرعب ع القهوةقصص رعب كلام معلمينقصص رعب احمد يونس كلام معلميندستور قصص رعبقصص جنقصة رعب