أنا اسمى " ابراهيم " طالب جامعى بكلية الطب البيطرى وأسكن باحد الاحياء الشعبية بمحافظة الجيزة .. بسبب دراستى للطب فأنا على دراية واسعة بعلوم الطبيعة وهذا يتسبب فى رفضى التام ومعارضتى لكل ما هو غير خاضع للتفسير العلمى .. ولكن فى قصتى التى سوف أقوم بسردها فى السطور التالية وجدت ان العلم قد وقف عاجزاُ عن وضع أى تفسير منطقى لما حدث .
القصة تتضمن احد أصدقائى الذى لعب الدور الأساسى فى جذبى الى تلك الاحداث الغريبة التى سأقوم بسردها كان يدعى " حسن " وكان من أعز اصدقائى .بل ويمكننى القول بأننى قد كنت صديقه الوحيد . فقد ابتعد عنه معظم اصدقائنا نظراُ لانهم وجدوه انسان غريب الأطوار بل وقد وصلوا لمرحلة انهم بدأوا يخافونه وكأنه غير اُدمى . الا أننى كنت لا ارى ان اختلافه عنى سبباُ كافياُ ليدفعنى الى الابتعاد عنه او الخوف منه . فــقد كان حسن – رحمه الله – من أكثر الناس طيبة وأفضلهم خلقاُ .. فى الواقع دعائى له بالرحمة لا يعنى انه قد توفى .
فى حقيقة الأمر أنا لا اعلم عنه شيئاُ فقد اختفى بدون أى أثر .. ربما يكون حياُ يرزق فى مكان اخر أو ربما قد ابتعد عنى عن قصد لأنه قد تسبب فى عذاب يلازمنى طوال حياتى .. ولذلك فلا يجوز لى سوى الدعاء له بالرحمة والمغفرة لعل الله يغفر له ما فعله بنفسه وبى أنا ايضاُ .. كان " حسن " من المولعين شغفاُ بالغيبيات وكل ما هو خارج عن الطبيعة والمألوف . يمكن القول بأنه قد توارث هذا الهوس عن والده الذى كان يعد من اهم الباحثين فى هذا المجال .
فقد كان يهوى الاطلاع على كتب السحر وتحضير الجان وتسخيرهم لأسباب احتفظ بها لنفسه ولم أعلم عنها شىء حتى وطئت قدماى تلك المنطقة المحذورة رغماُ عنى . كعادة الأصدقاء كنا نقضى معظم أوقاتنا معاُ باعتبارى صديقه الوحيد . فكنا نقضى معظم اوقاتنا فى منزله حيث يقطن وحده بأحد القصور الفاخرة .
وكان معتاداُ على مشاركتى كل ما هو جديد من كتب نادرة او مخطوطات فريدة على الرغم من اننى لست بالشجاعة الكافية لأاهتم بهذا الفرع بالتحديد من العلم .. فى الواقع انا أكثر جبناُ من ان اتعمق فى تلك الاشياء الا انه كان على العكس تماماُ وكأن قلبه لا يدرك معنى الخوف . فى أحد الايام طلب منى ان يصطحبنى لمشاهدة شىء فريد من نوعه . فدخلنا الى مكتبة والده وهى غرفة شاسعة تحتوى على كم هائل من الكتب النادرة التى يكفينى شكلها لاصابتى بالرعب .
فالتراب يغطى الكتب وكأنها أموات قد دفنت تحت التراب حتى يمتنع شرها عن اصابة من يقربها . ومن بين تلك الكتب مد " حسن " يده وسحب كتاب يبدو أنه الشر نفسه مكتسياُ بغلاف من الجلد الاسود .. ويكسر ذلك السواد خطاُ مزخرفاُ يشكل جملة " دليل الترجمان فى تحضير وتسخير الجان " . أصابتنى القشعريرة لقراءة تلك الجملة أما هو فقد كان هادئاُ كعادته . بدأ فى تقليب عدة صفحات من ذلك الكتاب وكأنه يبحث عن شىء ما .
بين صفحات ذلك الكتاب ترتكز مخطوطة غريبة مكتوبة بخط اليد .. كل ما رأيته فى تلك المخطوطة هو حروف عربية مرسومة بطريقة غير منتظمة . فبعض الحروف تتابع لتشكل شكلاُ يشبه العين .. وحروف أخرى تتنتظم فى أحد الجداول وبعض الاُيات القرئانية ورموز أخرى لم أفهمها . فقد كانت لغة غريبة لا أجد لها معنى الا انه من المؤكد ان علمى المحدود هو السبب على العكس من حسن الذى كان يدرك تلك الرموز ومعانيها وماهيتها .. سألته عن هذه المخطوطة التى لا أفهم منها شيء .. قال : " انها مخطوطة قد كتبها والدى – رحمه الله – بنفسه قبل وفاته بعدة أيام وقد وجدتها بالأمس مصادفة أثناء بحثى فى هذا الكتاب . وهذه المخطوطة تبين كيفية تحضير أحد ملوك الجان . ويدعى الملك "عزار" .
ويعد هذا الملك بالتحديد من أقوى ملوك الجن وأكثرهم بطشاُ " . استجمعت قواى بعد ما سمعت لأسئله لماذا تقوم بالمخاطرة وتعريض نفسك للخطر وخصوصاُ انك تفيد ان هذا الجن من أقوى الملوك وهذا قد يعرضك للأذى والخطر .. أخبرنى أنه يجهل الكثير من الحقائق التى يتمنى معرفتها الا ان علم الانسان لا يمكن ان يفيده فى معرفة تلك الأمور وان السبيل الوحيد لادراك تلك الحقائق لن تكون موجودة الا فى عالم الجن فهم أكثر علماُ ودراية من بنى البشر . وأنه قد تمكن من قبل من تحضير عدد من الجن الا انهم لم يتمكنوا من تلبية طلباته باعتبارهم ضئيلى الشأن فى مملكة الجان وان طلباته لن تتلبى الا بمساعدة احد الملوك حيث تكون قواهم موالية لما يرغب . وسبب اختياره للملك "عزار" على الرغم من أنه ملك يؤذى من يقلل من شأنه يتمثل فى ان والده قد تمكن من تحضير ذلك الملك عدة مرات وأنه قد كان يساعده فيما يطلب بشرط الا يعلم احد بما يحدث بينهما سواء من عالمنا او من عالمهم . وقد وضع أبى هذه المخطوطة فى أيامه الأخيرة حتى يتثنى لى من بعده ان انتفع بعلمه .. واستكمل حديثه قائلاُ " لازال أمامى جزء ضئيل من هذه المخطوطة لا يمكننى فهمه للأسف . الا أننى لن يهدأ لى بال الا حينما أنتهى منها وأقوم بمراسم التحضير وأهيىء نفسى لاستقبال الملك العظيم . وأتمنى ان أكون موافقاُ له حتى أتمكن من تحضيره "
بعد سماع هذا الكلام كنت غير قادراُ على البقاء فى ذلك المكان فقد كنت حقاُ أرتجف خوفاُ واستأذنت صديقى لانصرف عائداُ الى منزلى بحجة ان الوقت قد تاخر الا اننى بصراحة قد أصابنى الفزع من كلماته ونظراته ..مرت عدة أيام وأنا لا أدرى عنه شيئاُ حتى تلقيت منه اتصالاُ هاتفياُ وقد كان صوته مختلطاُ بسعادة غامرة .. وعندما سألته عن سبب فرحه أخبرنى انه قد تمكن أخيراُ من الانتهاء من المخطوطة وأنه قد أكمل ما بها وادرك المعنى من وراءها .. وأنه سوف يقوم بالشروع فى مراسم التحضير فى منتصف الليل حيث سيكون قد استوفى ما يحتاجه من ادوات ومواد يحتاج اليها لاتمام مراسم التحضير فقد أخبرنى انه يحتاج الى الحنة الجاوى والبخور الهندى وماء الورد والزعفران والفسوخة وعين العفريت ..وهذه المواد لازمة للقيام بأى عملية استدعاء لكيان خفى .. وقد حدد منتصف الليل بالتحديد للقيام بالتحضير حيث أن منتصف الليل هو الوقت المناسب للأنشطة الروحانية وتحديداُ فى ذلك اليوم الذى كان يوافق الخميس .. حيث انه اليوم الخاص بالملك "عزار " . طلب منى أن احضر المراسم الا أننى بصراحة أجبن من أن أشارك فى مثل هذا الحدث .. فاعتذرت بحجة ان والدتى مريضة ويجب ان اصطحبها الى الطبيب ولا ادرى ان كانت هذه الكذبة الساذجة كافية ليصدقها أم انه قد أدرك خوفى وتقبل رفضى لدعوته.
بعد عدة ايام لم ادرك عن حسن فيها أى شىء عاود الاتصال بى ولكن صوته هذه المرة كان مختلفاُ فلم أجد فى نبرته تلك الفرحة الغامرة التى أحسست بها من قبل .. فشعرت ان شىء ما قد حدث ليصيبه بالحزن .. وقد كان حدسى صحيحاُ فقد فشل فى تحضيره على الرغم من قيامه بكل ما يحتاجه الأمر بالطريقة الصحيحة كما أوضحت المخطوطة .. وهذه المرة طلب منى الحضور الى منزله لانه يشعر بالضيق ويرغب فى محادثتى .. وافقت بعد أن اشترطت عليه الا يقوم بأى شىء مخيف اثناء تواجدى معه فوافق وذهبت اليه .. جلسنا نتجاذب أطراف الحديث ومنطقياُ لم يكن بوسعنا ان نتجاهل ذلك الموضوع بالتحديد ..
سألته لماذا لم يتمكن من تحضيره ان كان قد قام بالمراسم بالطريقة السليمة .. فأخبرنى انه لا يدرى ما السبب وراء ذلك فهو متأكد من انه قد قام بكل شىء بالطريقة الصحيحة وانه قد راعى شروط التحضير واختار المكان والزمان المناسبين لذلك .. وبعد ذلك اتجه حديثنا بعيداُ عن ذلك المجال المخيف .. الا اننى لم أدرك اننى على وشك ان أدخل الى داخل دائرة الخوف رغماُ عنى .. فأثناء مشاهدة التلفاز قد حدث شىء لم يكن بالحسبان .. فقد بدأت بسماع أصوات غريبة . لم تكن صرخات استغاثة او حشرجة او صوت اختناق كما تحوى أفلام الرعب .. فقد كان الأمر مختلفاُ تماماُ فكل ما سمعته كان كلمات اسمعها بوضوح تام ..
فبعض الكلمات لم افهمها الا اننى قد سمعت احدى تلك الكلمات بوضوح تام وهى كلمة " العهد " .. فقد كانت تتكرر فى اذنى وانا لا أدرى حتى مصدر ذلك الصوت بل انها فى كل مرة تزداد وضوحاُ وكأن مصدر الصوت يقترب منى فى كل مرة . لقد كانت أشبه بأن أحدهم يهمس بأذنى قائلاُ " العهد .. العهد " .. تعمدت أن أكتم خوفى هذه المرة فربما يكون كل ما فى الأمر انه يقوم بمزحة سمجة لاصابتى بالخوف أو ربما أنا أتخيل ذلك .. على الرغم من سيطرتى على نفسى وقدرتى على كتم خوفى الا أن فضولى كان أقوى من خوفى فسألت حسن عن معنى تلك الكلمة .. وما ان اتممت سؤالى حتى نظر الى بابتسامة واسعة ارتسمت على وجهه اليائس وقال " هذا يعنى انك قد بدأت فى قراءة كتب التحضير يا صديقى ..
اهلا بك فى عالم بلا قواعد .. العهد هو عبارة عن ميثاق بين الكيان الظاهر وهو الانس والكيان الخفى وهو الجن .. وهو بمثابة اتفاق بين الطرفين يضع شروطاُ يجب مراعاتها من كلا الطرفين .. واذا أخل احدهما بهذه الشروط فان هذا يعرضه للأذى الذى قد يصل أحياناُ الى العذاب الابدى .. أين سمعت هذه الكلمة يا ابراهيم ؟! "
أجبت قائلاُ : " ان هناك من يهمس بهذه الكلمة فى اذنى الاُن " .. كان جوابى كافياُ لاصابته بالذهول .. فحاول أن يخفى التوتر الذى بدا واضحاُ على وجهه وقال
" ان هذا يعنى اننى لم افشل فى تحضير الملك "عزار" .. بل انه قد حضر بالفعل الا اننى لم اتمكن من التواصل معه بسبب ضعف طاقتى الروحانية التى كانت غير كافية للاتصال به .. فقد مكث فى هذا المكان منتظراُ اياك ان تحضر لتكون الوسيط الروحى له .. حيث انه من المؤكد ان الله قد أهداك طاقة روحية عالية وكان من شأنها ان تكون كافية لاحداث الاتصال معه .. انى اُسف يا صديقى فقد وطئت قدماك فيما لا يخصك رغماُ عنى ورغماُ عنك ... سامحنى "
للمرة الاولى فى حياتى أشتعل غضباُ بسبب صديقى .. فقد كان الأمر وكأن لعنة قد اصابتنى بسببه. فالله يعلم كم من الأذى قد يصيبنى بسبب فضوله الزائد الذى قد ورطنى فى مشكلة ليس لى بها دخل .. أشتعلت غضباُ لدرجة اننى قد صفعت وجهه بكل ما أوتيت من قوة .. الا اننى قد أيقنت فى تلك اللحظة انه على ان ابحث عن الحل بدلاُ من التفكير فى سبب المشكلة .. فما الحل لكى يبتعد عنى هذا الكيان الخفى الذى قد أصابنى بالرعب لمجرد انه قد قام بطريقة ما بالهمس فى أذنى !؟ ماذا قد يصيبنى اذا استمر هذا الكائن فى ملازمتى لفترة أطول ؟! ...
أخبرنى حسن أن الحل يتمثل فى مراسم الصرف .. حيث سيتركنى ذلك الكائن ويبتعد عنى بعد اتمامها الا ان مشاركتى فى مثل تلك المراسم غير مناسبة لى وأعتقد اننى لن اتحمل المشاركة مما دعانى الى الرفض التام واكتفائى بالانصراف من منزله مسرعاُ والعودة الى منزلى بدون أن ادرى ما قد يصيبنى الا اننى كنت أتمنى ان يتركنى ذلك الكائن ويرحل عنى .. حذرنى حسن من رفض مراسم الصرف حيث ان عدم القيام بها سيعرضنى للخطر الا اننى لم اكن مستعداُ لسماع اى كلمة ينطق بها بعدما قام بتوريطى فيما انا فيه الاُن ...
اثناء عودتى الى منزلى تلك الليلة كنت ارتجف خوفاُ ولا ادرى ما قد يحدث ..كل هذا والهمس لا ينقطع عن اذنى بل انه قد تحول من همس الى ضجيج مزعج وكأن ذلك الكيان يصرخ فى رأسى كى اتقبل دعوته بالامتثال لبعضنا البعض والأخذ بالعهد مثلما اخبرنى حسن .. الا اننى لم ارغب فى اتخاذ اى فعل لا اعلم نتيجته فربما ينقلب السحر على الساحر ويطولنى الأذى بسبب اى فعل طائش قد أقوم به .. يجب على ان التزم الصمت واتحلى بالصبر واتحمل ما انا فيه لعله يتركنى ويرحل ويدرك أنه لا جدوى من بقائه ملازماُ لى .. ظننت ساعتها ان ذاك الضجيج المزعج قد يكون اكثر ما قد يصيبنى الا اننى اكتشفت بعدها ان الضجيج كان مجرد تحذير لى ..
فأثناء عودتى وحدى فى ذلك الوقت المتأخر من الليل كانت الشوارع قد خلت تقريباُ من الناس .. الا اننى شعرت بأن هناك من يسير بجانبى .. وصف ذلك الموقف بالشعور او الاحساس غير كافى فقد كنت متيقناُ ان هناك من يسير بجانبى الا أننى لا أجد احداُ بقربى على الاطلاق .. قد تكون مجرد هواجس فى مخيلتى من أثر الطنين الا ان الاحداث بدأت فى التطور .. فأخيراُ قد وصلت الى منزلى وظننت اننى قد أصبحت اُمناُ الى اننى أدركت اننى قد أحطت نفسى بالأهوال دون أن ادرك .. فما ان دخلت غرفتى وأغلقت الباب خلفى ووقفت أمام المراُة لأرى انعكاس اثار الاجهاد والتعب التى خلفها ذلك اليوم المرهق .. شرد ذهنى وأنا اتابع صورتى فى المراُة وكل ما يجول برأسى هو كيف اتخلص من الكيان الملازم لى ..
وهنا لاحظت ان صورة انعكاسى قد أصابها الذبول وكأن هناك سواد مجهول المصدر يخيم على المرأة .. وقفت عاجزاُ عن الحركة بينما تشكل أمامى فى المراُة جسم أسود غريب الملامح .. انه بمثل هيئتى تقريباُ الا انه يتمتع بملامح قاسية وعينيه تشبهان جمرتان من النار .. لم أستطع ان اجرى هارباُ فقد بدا الأمر وكأن قدماى مثبتتان فى الأرض .. بدأت أصرخ بكل ما أوتيت من قوة الا انى صوتى لم يكن مسموعاُ .. فأنا نفسى لم أستطع ان اسمع صراخى .. أتمنى ان يكون ما انا فيه مجرد كابوس سأستيقظ منه سريعاُ لاكتشف اننى أتوهم كل ما رأيت .. عاودت النظر الى ذلك الكيان الغامض فى المراُة حيث كان قد بدأ فى التقدم فى اتجاهى ببطء شديد .. واقتربت رأسه منى حتى أنى ظننت انها قد اخترقت المراُة لتصل من خلالها الى اذنى ويهمس بصوته الذى كان أشبه بصوت اُلاف الأرواح المعذبة من البشر .. قائلاُ " العهد " ..
وفى تلك اللحظة أحاطنى الظلام من جميع الاتجاهات وكأننى أصبت بالعمى .. لا أستطيع حتى أن اتبين يدى الممتدة أمام وجهى وسط ذلك الظلام الدامس .. وفجأة شعرت بمن يمسك بقدمى ويسحبهما بقوة فسقطت على الارض أصرخ صرخات دوت فى المكان .. وهنا اندفع والدى محطماُ باب الغرفة ليدخل ومعه والدتى وقد تسلل ضوء الردهة الى غرفتى المظلمة .. نظرت حولى باحثاُ عما كان يجذبنى من ساقى فى الظلام فلم أجد غيرى بالغرفة .. الا أننى قد لاحظت أن كل ما بالغرفة محطم .. ففراشى محطم وكل ملابسى ومتعلقاتى ملقاة فى أركان الغرفة .. والمراُة قد تكسرت الى قطع كثيرة تنتشر فى أرض الغرفة وأيضاُ مصباح الغرفة محطم .. هرول أبى مسرعاُ الى وسألنى عما حدث .. فى الواقع لم أجد اجابة لسؤاله .. فأنا نفسى لا زلت لا أعلم ما حدث لى .. الا أننى أدركت ان الحل الوحيد لن أجده سوى فى منزل " حسن " .. وأنه لابد لى من حضور مراسم الصرف للتخلص من ذلك الكيان الذى يلازمنى فأنا لا أتحمل بقائه ولا سبيل لى لحماية نفسى مما قد يعرضنى له من أذى ...
فى تلك الليلة لازمنى والدى طوال الوقت يقرأ القراُن الكريم بجانبى حتى غلبنى النعاس .. استيقظت فى الصباح التالى وانا أنوى الذهاب الى حسن لوضع حداُ لما أنا فيه .. وعندما وصلت اليه وقصصت عليه ما حدث لى فى الليلة السابقة . قال " لقد حذرتك يا صديقى .. لابد لنا من القيام بمراسم الصرف فهى الحل الوحيد لما انت فيه " .. اصطحبنى بعدها الى احدى الغرف التى لم أدخلها من قبل .. فأنا أعرف منزله بكل تفاصيله ولكنى لم أدخل تلك الغرفة من قبل حيث كان يزعم انها مخزن يحتفظ فيه بالاغراض القديمة التى لا محل لها من الاستعمال .. الا ان هذا الادعاء كان مجرد ستار يغطى حقيقة تلك الغرفة ..
فهى الغرفة التى يقوم فيها بالنشاطات الروحانية الخاصة به وليس من حق أى شخص ان يدخلها الا اذا كان مستعداُ لتحمل العواقب .. فقد يكون دخول الغرفة سبباُ فى موتك او الحاق الضرر بك . أثناء تواجدى بداخل الغرفة نظرت الى ما فيها من غرائب لم اشهدها من قبل الا فى افلام الرعب الكلاسيكى .. فهناك مبخرة فى منتصف الغرفة ينبعث منها دخان كثيف وأرضية الغرفة مغطاة بالرسوم الغريبة المصنوعة من الطباشير الأبيض والفحم ..
وترتكز فى أركانها شموع سوداء واخرى حمراء . جدران الغرفة مغطاة بأغطية بيضاء من الحرير ملطخة بالدماء فيما يشبه الأيدى وكأنها علامات الاحتفال بالذبح وتقديم الأضاحى .. الغرفة بما فيها تصيبنى بالفزع الا اننى قد اختبرت ما هو أكثر رعباُ مما يوجد بالغرفة .. وقد تكون هذه الغرفة سبباُ فى تخلصى مما أنا فيه من عذاب .. أتمنى ذلك !!
بدأ حسن فى الاستعداد حيث طلب منى الصمت التام وأن أغمض عينى .. ساد الصمت لعدة دقائق حتى قطعه صوت حسن قائلاُ " انزلوا أينما تكونا .. بحق طهطائيل وكونائيل .. بحق البساجل والثراقب .. بحق الطرائق والمناقب .. بحق العهود السبعة العليا .. بحق اللطائف والعواقب .. الوحى الوحى .. العجل العجل .. الساعة الساعة .. احضروا فى سلام اُمنين " ...
ثم أخذ يتمتم ببعض الكلمات التى لم أفهمها حتى شعرت بهواء دافىء يحيط بى .. فتحت عينى لأجد كفوف الدماء على ستائر الغرفة تأخذ فى الانصهار حتى بدأت قطرات الدم بالتساقط على الأرض ثم بدت وكانها تسيل على أرضية الغرفة فى اتجاه معين .. حيث تتجمع من كل أركان الغرفة الى بقعة معينة تقع أمامى بعدة خطوات قليلة .. بدأت الاضاءة فى الغرفة تقل تدريجياُ بدون سبب .. وكان هناك ريحاُ يقلل من حدة لهيب الشموع الموجودة بالغرفة والتى كانت المصدر الوحيد بالاضاءة .. وفى تلك اللحظة بدأ ذلك الكيان الأسود المخيف الذى قد رأيته من قبل فى المراُة بالتشكل امامى وبالتحيد فوق قطرات الدم المتجمعة أمامى ..
بدا الكيان وأنه يظهر من العدم وبدأت ملامحه فى التشكل والوضوح .. وهنا بدأ حسن فى التحدث اليه قائلاُ " السلام عليك ايها الملك العظيم .. اترك هذا الانس وارحل من حيثما أتيت " .. بدا الكيان الاسود وكأنه لا يستمع الى ما يقوله حسن فقد كان نظره مرتكزاُ على عينى .. ثم التفت الى حسن ببطء شديد وقال " العهد " .. ثم توهجت عيناه الناريتان .. واذ فجأة أجد حسن يسقط على الأرض فاقداُ الوعى وكأن الكيان الاسود قد أراد ان يعاقبه على فعلته .. ركضت مسرعاُ الى حسن لاتفقده ثم التفتت الى الكيان الاسود مرة أخرى لأجده قد اختفى ولا يوجد له أى أثر فى الغرفة ..
خرجت من القصر مهرولاُ لأجد المساعدة ل " حسن " .. وصلت الى أقرب طبيب وجدته وعدت بصحبته الى القصر من جديد .. ولكنى لم أجد لــصديقى أى اثر وكأن الارض قد ابتلعته .. بحثت عنه فى جميع أرجاء القصر ولم أجد له أثر .. اعتذرت الى الطبيب وظننت ان حسن قد ترك المنزل أثناء غيابى لاحضار الطبيب .. بقيت فى المنزل منتظراُ عودته لعدة ساعات ولكن قد تأخر الوقت دون جدوى فاضطررت الى العودة الى منزلى بعد أن يأست من الوصول الى حسن سواء عن طريق الاتصال به تليفونياُ او ببقائى فى منزله ..
استمريت فى الاتصال به ولكن دون جدوى .. عدت الى منزلى وانا لا ادرى ما اصابه .. دخلت الى غرفتى مجدداُ وانا اعلم ان دخولى اليها قد يكون فكرة سأندم عليها لاحقاُ .. وبالفعل فقد صدق حدسى مجدداُ .. فما ان اتخذت عدة خطوات بداخل غرفتى المظلمة حتى وجدت نوراُ فى وسط ذلك الظلام .. نظرت الى مصدر النور لأجد ما يشبه الهالة المضيئة .. ولكن مع التركيز فى ماهية ذلك النور أدركت اننى فى لغز أخر لا يمكن لعقل ان يدركه .. فمصدر ذلك النور الغريب كان القمر .. ولكن كيف وأنا فى الغرفة.
نظرت حولى لأكتشف اننى لست فى غرفتى حتى .. أنا فى وسط المقابر .. وحدى وسط الظلام وشواهد القبور تحيط بى من جميع الجهات . أخذت فى التقدم وسط المقابر لعلى أجد سبباُ لوجودى هنا فى ذلك المكان الغريب الذى لا أدرى كيف وصلت اليه فى الأصل .. وفجأة سمعت صرخة استغاثة دوت فى المكان .. ركضت مسرعاُ باحثاُ وسط المقابر عن مصدر ذلك الصوت حتى صعقت لهول ما رأيت .. انه حسن ولكن كيف ؟؟
وما ان اقتربت منه ونظرت الى وجهه قال بصوت متهدج " ساعدنى .. اتخذ العهد على نفسك " . واختفى من بين يدى بلا اثر وكأننى أتوهم ما رأيت .. وفى تلك اللحظة ظهر الكيان الاسود مجدداُ ونظر لى .. فأومئت رأسى بالموافقة وقطعت على نفسى عهداُ لا يمكننى للأسف أن أسرده لك . ولكن هذا العهد يشترط ملازمتى له وملازمته لى حتى يفنى أحدنا. كما يشترط أن يقوم كلا منا بتلبية خدمات الاُخر وألا يخل أحدنا بشروط العهد حتى لا يصيبه العذاب الأبدى . اقترب منى الكيان حتى أمسك بذراعى الأيسر .. شعرت عندها وكأن نار تكوى ذراعى فصرخت من شدة الألم الذى سرى فى جسدى .. وكانت تلك الصرخة كافية لافتح عينى واجد نفسى ممدداُ على الأرض فى غرفتى وسط الظلام .. تنفست الصعداء .. لقد كان حلم . مجرد حلم !!
ولكنى لم انتبه فى تلك اللحظة الى ذلك الألم الشديد الذى يسرى فى ذراعى الايسر .. نظرت الى ذراعى لأجد حرقاُ يشبه اليد .. وكأن يداُ من نار قد أمسكت بذراعى .. هذا يعنى اننى لم أكن احلم .. حقاُ لم أكن أحلم !!
ومنذ تلك اللحظة وأنا مرتبط بذلك العهد الذى يجعلنى ملازماُ له ويجعله ملازماُ لى .. الجميع اتهمنى بالجنون ولا يعلمون عنى سوى اننى شخص غريب الأطوار اتحدث الى اشخاص غير موجودة .. ابتعد عنى الأصدقاء والأهل وقد اصبحت منبوذاُ .. حاولت استعادة صديقى الا أنه قد أخبرنى أنه سيقوم باعادته الى عالمنا حينما يأتى الوقت الملائم لذلك .. الا أننى احصل فى المقابل على الكثير من المكاسب التى لا يدركها عالمنا .. كما أنه يطالبنى بخدمات فى عالمى حيث لا يكون له سلطة فيه . ففى احدى المرات طلب منى كتابة بعض الكلمات العربية بطريقة قد وضحها لى مسبقاُ .. وقمت بكتابة تلك الكلمات بنفس الكيفية التى قد طلبها منى على احدى العملات الورقية ثم طلب منى أن القيها فى منتصف الشارع الذى اقطن به .. حيث أكد لى انه لن ينتبه أى شخص مار لتلك العملة الا شخص واحد فقط قد كتب له ان يجدها لتصيبه اللعنة التى قد كتبتها على ظهر العملة .. الغريب فى الأمر ان بعد مرور فترة وجيزة علمت مصادفة أن أحد جيرانى ويدعى أ/خالد قد أصابه الجنون وبدأ يتحدث الى اشخاص غير موجودة .. الا ان من يتهمونه بالجنون لا يدركون الحقيقة التى أعلمها أنا .. وقد علمت فيما بعد أنه كان المقصود من اللعنة التى أمرنى "عزار" بوضعها على العملة الورقية حيث كان سبب ذلك أن ا/خالد كان ممن وقع عليه الاختيار لتصيبه لعنتى ليكون أحد ضحايا العهد وينضم الى فيلق خدام الانس .. حيث ان كل انسان منا قد يقع عليه الاختيار لينضم لجيش الخدم ويعتمد الاختيار على الملك " عزار " نفسه وأنا حتى الاُن لا أعلم ما سبب اختيارى أو اختيار من يتم انتقائهم من الانس الا أنه لابد من وجود سبب لاختيار اشخاص بعينهم دون الاُخرين .. كما قد طلب منى فى احدى المرات أن أسكب ماء الورد بعدما قرأت عليه بضع كلمات لا يجب أذكرها لك فى وسط المقابر وأنه لن يمر من فوقها سوى من قصد له أن يمر لتصيبه اللعنة .. مرت السنوات وأنا أنفذ كل ما يأمرنى به لأتجنب اذاه ..
وفى المقابل يحقق لى كل ما أتمناه . واليوم قد أمرنى بلعنة جديدة حتى أستعيد بها صديقى "حسن " فى المقابل .. فكل لعنة أنشرها تصيب شخصاُ معين قد كتب له أن يصاب بها .. ومن تصيبه اللعنة ينتقل الى جيش الملك من خدام الانس . حيث أدركت بأن كل انسان مهما عظم شأنه او نقص مجرد أداة يتم استخدامها فى مخطط أكبر من أن ندركه .. فقد كانت المخطوطة أداة للايقاع بصديقى .. وقد كان صديقى اداة للايقاع بى .. وانا اصبحت أداة للايقاع بمن يقع عليهم الاختيار وهكذا ..
فقد طلب منى هذه المرة أن أسرد قصتى كما هى وأن أقوم بارسالها الى هذا البرنامج بالتحديد نظراُ لأن الشخص المستهدف ممن يستمع الى قصتى الاُن .. فاللعنة يا صديقى مستترة خلف معانى قصتى وفى طيات كلماتى .. فى الواقع لأ أعلم من يكون الشخص المستهدف فربما يكون أنت او أنتى . الا أننى ليس لى دخل بذلك فأنا ملتزم بعهد قطعته على نفسى ولست مستعداُ لتحمل عواقب الاخلال به ..
والاُن اذا بدأت بسماع الهمس فى اذنيك او شعرت بأنك لست وحدك او خالجك أى شعور غريب فاعلم أنك المختار لتتخذ العهد على نفسك .. سامحنى أيها الشخص فليس لى دخل فى اختياره لك فأنا مجرد أداة فى هذا المخطط العظيم . وهكذا ستكون أنت أيضاُ .... فسامحنى
تــــــــمـــــت
___________________________________________________
ذكر ان تقيمك لموضوعي بتعليق سواء بالايجاب او السلب هو بمثابه تشجيع لي على الاستمرار وتقدير منك للمجهود الذي ابذله ومساعده منك على نشر الموضوع وتشجيع لباقي الاعضاء على قراءه الموضوع وشكرا
اقرأ ايضا :
قصص رعبرعب احمد يونساحمد يونسقصص احمد يونس رعبقصص حقيقيةقصة رعبافلام رعبتحميل قصص رعبصور رعبقصص رعب قصيرةقصص رعب على القهوةرعب ع القهوةقصص رعب كلام معلمينقصص رعب احمد يونس كلام معلميندستور قصص رعبقصص جنقصة رعب